وصف
دواء سياليس (Cialis)، والذي يحتوي على المادة الفعالة تادالافيل (Tadalafil)، هو في الأساس دواء معتمد من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج ضعف الانتصاب عند الرجال، بالإضافة إلى بعض الاستخدامات الأخرى مثل فرط ضغط الدم الشرياني الرئوي وتضخم البروستاتا الحميد
ومع ذلك، ظهر في السنوات الأخيرة اهتمام متزايد باستخدام تادالافيل لدى النساء بهدف تحسين الرغبة أو الاستجابة الجنسية، خاصة في حالات الاختلال الجنسي المرتبط بانخفاض التروية الدموية أو بعض الاضطرابات الهرمونية
مع أن الفكرة تبدو منطقية من الناحية الفسيولوجية، فإن استخدام تادالافيل لدى النساء لا يزال خارج التوصيات الرسمية (Off-label use)، ولا توجد موافقة صريحة من FDA أو EMA على استخدامه لتعزيز الوظيفة الجنسية لدى النساء. ومع ذلك، أجريت العديد من الدراسات التجريبية في هذا السياق، ونتائجها متفاوتة
أولاً: آلية عمل تادالافيل وتأثيرها المحتمل عند النساء
يعمل تادالافيل عن طريق تثبيط إنزيم فوسفوديستيراز-5 (PDE-5)، وهو الإنزيم الذي يُفكك أحادي فوسفات الجوانوزين الحلقي (cGMP) المسؤول عن استرخاء العضلات الملساء وتمدد الأوعية الدموية
في الرجال، يؤدي هذا إلى زيادة تدفق الدم إلى القضيب أثناء التحفيز الجنسي، وبالتالي يُحسن الانتصاب
في النساء، توجد مستقبلات PDE-5 في الأعضاء التناسلية مثل
البظر (clitoris)
الأنسجة المحيطة بالمهبل
الشرايين الرحمية والحوضية
لذلك، من الناحية النظرية، يمكن أن يؤدي تادالافيل إلى
تحسين تدفق الدم المهبلي والبظري
زيادة الترطيب المهبلي
تعزيز الاستجابة الجنسية من حيث الإثارة
وربما تحسين الرغبة في بعض الحالات
لكن يجدر الانتباه إلى أن الرغبة الجنسية عند النساء ترتبط أيضًا بعوامل نفسية وهرمونية واجتماعية معقدة، وليس فقط بتدفق الدم
ثانياً: الاستخدامات التي تمت دراستها لتادالافيل عند النساء
1. اضطراب الإثارة الجنسية عند النساء
(Female Sexual Arousal Disorder - FSAD)
بعض الدراسات أظهرت أن تادالافيل يمكن أن يحسّن من التروية الدموية لأعضاء الحوض والبظر، مما يساعد النساء اللاتي يعانين من صعوبات في الإثارة أو الجفاف
التأثير كان ملحوظًا خصوصًا في النساء بعد سن اليأس أو بعد استئصال الرحم
2. الاختلال الجنسي المرتبط بمضادات الاكتئاب
النساء اللاتي يتناولن مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين (SSRIs) ويعانين من خلل جنسي قد يستفدن من تادالافيل لتحسين الإثارة أو النشوة
3. متلازمة نقص الرغبة الجنسية (HSDD)
لا توجد أدلة قوية تدعم استخدام تادالافيل لتحسين الرغبة الجنسية مباشرة
الرغبة تعتمد على مراكز عصبية في الدماغ تُحفز بالدوبامين والأوكسيتوسين وليس فقط بالأوعية الدموية
4. الاضطرابات الجنسية في النساء المصابات بالسكري أو ارتفاع ضغط الدم
بعض النساء المصابات بأمراض مزمنة أبلغن عن تحسن في الاستجابة الجنسية عند استخدام تادالافيل
ثالثاً: نتائج الدراسات السريرية
دراسات إيجابية
دراسة منشورة في المجلة الدولية للطب الجنسي (2014) أظهرت تحسنًا طفيفًا في الإثارة الجنسية لدى نساء ما بعد انقطاع الطمث عند استخدام 10 ملغ من تادالافيل يوميًا لمدة 12 أسبوعًا
تحسن في بعض المؤشرات مثل التزليق، الرضا، وتدفق الدم المهبلي تم قياسها باستخدام تقنيات دوبلر
دراسات محايدة أو سلبية
دراسات عشوائية مزدوجة التعمية لم تجد فروقًا ذات دلالة إحصائية بين تادالافيل والدواء الوهمي في زيادة الرغبة الجنسية عند النساء السليمات
لم تظهر زيادة واضحة في عدد مرات الجماع أو الإشباع العاطفي
التحليل النهائي
تُظهر الأدلة أن تادالافيل قد يحسن الإثارة الجسدية وليس الرغبة النفسية
النتائج لا تزال غير كافية لتوصية عامة باستخدامه في النساء
رابعاً: الآثار الجانبية المحتملة عند النساء
كما هو الحال في الرجال، قد تعاني النساء من مجموعة من الأعراض الجانبية، وتشمل
– الصداع
– الدوخة
– الاحمرار (flushing)
– عسر الهضم أو اضطراب المعدة
– انسداد الأنف أو الزكام
– ألم عضلي أو في الظهر
– تغيرات في ضغط الدم (ارتفاع أو انخفاض طفيف)
– الغثيان أو الشعور بعدم الراحة العامة
نادراً، يمكن أن يحدث
– ألم في الحوض أو الثدي
– خفقان في القلب
– تأثير على الدورة الشهرية
خامساً: التداخلات الدوائية المهمة
تادالافيل يتداخل مع عدة أدوية، منها
– النيترات (مثل نيتروغليسرين): يمكن أن تسبب انخفاض ضغط دم خطير
– أدوية القلب مثل حاصرات بيتا أو حاصرات قنوات الكالسيوم
– مثبطات CYP3A4 مثل الكيتوكونازول والإريثروميسين: تزيد من تركيز تادالافيل
– الكحول: يزيد من احتمالية حدوث دوخة وهبوط الضغط
– مضادات الاكتئاب والمهدئات: قد تتداخل في التأثير العام على الإثارة النفسية والجسدية
سادساً: الجرعة المستخدمة في الدراسات على النساء
رغم عدم وجود جرعة رسمية معتمدة للنساء، فإن معظم الدراسات استخدمت
– جرعة منخفضة: 5 ملغ يوميًا
– جرعة متوسطة: 10 ملغ قبل الجماع بـ 1–2 ساعة
– أحيانًا جرعة 20 ملغ حسب التحمل
لكن لا يُنصح باستخدام هذه الجرعات دون إشراف طبي متخصص في الطب الجنسي أو الغدد الصماء
سابعاً: هل يُنصح باستخدامه للنساء؟
الهيئات التنظيمية مثل FDA وEMA لا توصي باستخدام تادالافيل للنساء لأي غرض جنسي حتى الآن، لعدة أسباب
عدم وجود بيانات كافية تؤكد الفعالية المستدامة
عدم تحديد الفئة الأنسب من النساء اللواتي يمكن أن يستفدن
احتمالية حدوث أعراض قلبية وضغط دم عند النساء كبار السن أو المصابات بأمراض مزمنة
عدم وجود توافق علمي حول المعايير التشخيصية للإثارة أو الرغبة الجنسية لدى النساء
ثامناً: بدائل أكثر دقة وفعالية في بعض الحالات
– فليبانسرين (Addyi): دواء معتمد من FDA لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية لدى النساء قبل سن اليأس، يؤثر على السيروتونين والدوبامين
– بريميلانوتيد (Vyleesi): دواء يُحقن تحت الجلد قبل الجماع، يعمل على مستقبلات الميلانين لتحفيز الرغبة
– العلاج الهرموني بالإستروجين الموضعي: في حالات نقص التروية المهبلية بعد سن اليأس
– العلاج السلوكي والمعرفي: مهم في حالات القلق الجنسي أو العلاقات المتوترة
– الأجهزة الطبية (مثل LibiGel أو الأجهزة المساعدة لتحفيز الإثارة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق