التوقف المفاجئ عن تناول غابابنتين (Gabapentin)
، خاصة بعد استخدامه لفترة طويلة أو بجرعات مرتفعة، قد يؤدي إلى أعراض انسحابية ذات طابع عصبي ونفسي
رغم أن غابابنتين لا يُصنف كدواء إدماني بنفس درجة البنزوديازيبينات أو الأفيونات، إلا أن تراكم الأدلة السريرية أظهر أنه قد يؤدي إلى اعتماد جسدي
(Physical Dependence)
عند بعض المرضى، وتظهر أعراض انسحابية واضحة عند التوقف المفاجئ
أهمية هذا الموضوع تبرز خصوصًا مع تزايد الاستخدام "Off-label" لغابابنتين في حالات مثل القلق، الأرق، أو الألم المزمن، حيث يظن البعض خطأً أنه يمكن إيقافه فجأة دون آثار
أولًا: من هم الأكثر عُرضة لأعراض الانسحاب من غابابنتين؟
المرضى الذين
– استخدموا الدواء لمدة أكثر من عدة أسابيع بجرعات أعلى من 1200 ملغ/اليوم
– لديهم تاريخ من الإدمان أو الاعتماد على أدوية مهدئة
– يعانون من اختلالات نفسية مثل القلق أو الاكتئاب
– أوقفوا الدواء بشكل مفاجئ دون تقليل تدريجي
ثانيًا: الأعراض الانسحابية المحتملة بعد التوقف المفاجئ
أعراض الانسحاب من غابابنتين قد تبدأ خلال 12 إلى 48 ساعة من آخر جرعة، وتبلغ ذروتها في 3 إلى 5 أيام، وقد تستمر لأسبوع أو أكثر
الأعراض العصبية
القلق المفاجئ أو المتفاقم
الأرق الشديد
الدوخة
الرجفان أو الارتعاش
الارتباك الذهني
الهلوسة البصرية أو السمعية (خاصة في الجرعات العالية أو المرضى المسنين)
التشنجات (نوبات الصرع)، وهي أخطر عرض، خاصة عند مرضى الصرع الذين يستخدمونه للسيطرة على النوبات
الأعراض الجسدية
ألم عضلي أو مفصلي
أعراض شبيهة بالإنفلونزا (غثيان، حمى، تعرق، إرهاق)
عدم انتظام معدل ضربات القلب
زيادة الحساسية للألم أو اللمس
(Rebound Hyperalgesia)
ارتفاع ضغط الدم المؤقت
الأعراض النفسية
اكتئاب مزاجي حاد
نوبات غضب أو تهيج عصبي
أفكار انتحارية نادرة
شعور بالانفصال عن الواقع أو القلق الوجودي
ثالثًا: لماذا تحدث أعراض الانسحاب؟
الآلية العصبية
غابابنتين يعمل على قنوات الكالسيوم من نوع α2δ في الجهاز العصبي المركزي
يُثبط النشاط العصبي المفرط، ويُقلل من إطلاق الناقلات العصبية المسببة للإثارة (مثل الغلوتامات)
مع الاستخدام المستمر، يتأقلم الدماغ على وجوده ويُعدل توازنه العصبي الداخلي
عند التوقف المفاجئ، يحدث رد فعل عكسي (Rebound effect) مع ارتفاع مفاجئ في الإشارات العصبية، مما يؤدي إلى أعراض شبيهة بالهياج العصبي أو النوبات
رابعًا: كيف يتم إيقاف غابابنتين بأمان؟
(بروتوكول السحب التدريجي)
الإيقاف التدريجي ضروري لتفادي الأعراض الانسحابية، ويُفضّل أن يتم تحت إشراف طبي، خاصة في الحالات التالية
– مرضى الصرع
– مرضى الألم المزمن أو الاعتماد طويل الأمد
– المصابون بالقلق أو اضطرابات المزاج
– من يستخدمونه بجرعات عالية (أكثر من 1800 ملغ/اليوم)
الخطوات العامة
1. تقليل تدريجي للجرعة
يُوصى عادة بتقليل الجرعة بنسبة 10–25% كل 5 إلى 7 أيام
يمكن التعديل حسب استجابة المريض والأعراض المرتدة
2. مراقبة الأعراض الانسحابية
يتم التوقف عند أول علامة انسحابية ملحوظة، ثم الثبات على الجرعة لفترة أطول قبل مواصلة التخفيض
3. استخدام أدوية داعمة (عند الحاجة)
مضادات القلق القصيرة الأمد (مثل هيدروكسيزين)
أدوية تساعد على النوم (مثل الميلاتونين أو دوكسيبين منخفض الجرعة)
مسكنات خفيفة لتخفيف الآلام العضلية
4. الاستمرار في مراقبة الحالة النفسية بعد التوقف
في بعض الحالات، قد تظهر أعراض قلق أو اكتئاب مرتد بعد عدة أيام من الإيقاف، ما يستدعي علاجًا نفسيًا داعمًا أو بديلًا دوائيًا
خامسًا: احتياطات طبية خاصة
لا يجب إيقاف غابابنتين بشكل مفاجئ عند
– مرضى الصرع (خطر حدوث نوبات ارتدادية حادة)
– كبار السن (أكثر عرضة للهلوسة والتشوش الذهني)
– النساء الحوامل دون تقييم طبي (لتفادي أعراض انسحاب تؤثر على الجنين)
يجب توخي الحذر عند التحويل من غابابنتين إلى بريغابالين، نظرًا لتداخل آلياتهما وتأثيرهما على الجهاز العصبي
سادسًا: متى يُعد الإيقاف ضروريًا؟
رغم أهمية غابابنتين في عدد من الحالات، إلا أن بعض الأسباب تستدعي التفكير في إيقافه
ظهور أعراض جانبية لا تُحتمل (الدوخة، ضعف التركيز، الاكتئاب)
تداخلات دوائية خطرة (خصوصًا مع الأفيونات أو البنزوديازيبينات)
عدم فعالية الدواء بعد فترة
طلب المريض التوقف (مع الدعم السريري اللازم)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق